نقل وزراعة الأعضاء البشرية وفق القانون العماني

وزارة الصحة: قرار وزاري رقم ١٧٩ / ٢٠١٨ بإصدار اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية

 

 

يُعد الحفاظ على حياة الإنسان وسلامة جسده من المبادئ الراسخة في كل من الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، ويُصنف الحق في الحياة وسلامة الجسد ضمن الحقوق الأساسية التي لا يجوز

المساس بها. ومن هذا المنطلق، لقد اهتم المشرّع العماني بتنظيم موضوع نقل وزراعة الأعضاء

البشرية من خلال إصدار اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية بموجب القرار

الوزاري رقم 2018/179 المادة 13) ( والذي ينص على ) يكون إجراء عمليات نقل الأعضاء،

والأنسجة البشرية، وزراعتها بهدف الحفاظ على الحياة، ولأغراض علاجية.(

 

ومع التقدم الهائل في ميدان الطب وظهور أساليب علاجية وتقنيات حديثة، أصبحت هناك إمكانيات متقدمة لعلاج الأمراض المستعصية ، إلا أن هذا التقدم لم يخلُ من التحديات الأخلاقية والقانونية. ومن أبرز هذه التطورات عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية، التي شكلت ثورة في عالم الطب، غير أن هذه العمليات، رغم فوائدها الكبيرة، أثارت جدلًا واسعًا بين الأطباء ورجال القانون وأهل الفقه، بما

في ذلك ما يتعلق بمصدر العضو المنقول، ومشروعية أخذ الأعضاء من الأحياء أو الأموات، وصيانة

كرامة الإنسان وعدم تحويل جسد الانسان إلى سلعة ، وضمان موافقة المتبرع.

 

وعليه، فإن التوازن بين الحفاظ على كرامة الإنسان وسلامة جسده، والاستفادة من التقدم الطبي، يتطلب إطارًا قانونيًا وشرعيًا واضحًا يراعي القيم الأخلاقية، ويضمن أن تكون هذه الوسائل الحديثة في خدمة

الإنسانية، لا وسيلة لانتهاك حقوقها ، وهذا ما نظمه القرار وزاري رقم 2018/179 بإصدار اللائحة

التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية .

 

وتهدف هذه اللائحة إلى تنظيم عمليات نقل وزراعة الأعضاء بما يضمن تحقيق الغاية الطبية والإنسانية منها، وهي الحفاظ على الحياة أو العلاج، مع الالتزام بالضوابط الطبية ولأخلاقية ..

ويُشترط وفقًا لأحكام اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية في سلطنة عمان ،أن يكون المتبرع وهذا مانصت عليه المادة ) (4 من اللائحة :

.1 أن يكون بالغًا سن الرشد وكامل الأهلية القانونية.

.2 أن يكون على صلة قرابة بالمتبرع له حتى الدرجة الرابعة.

 

وبالرغم أن الأصل في القانون هو حظر التبرع بالأعضاء منناقصي الاهلية أو القُصّر وذلك حفاظًا على سلامتهم الجسدية والنفسية، إلا أن المشرع العماني أجاز في حالات محدده وقد نظمتها المادة

5) ( وفق اللائحة التنظيمية لنقل وزراعة الأعضاء والأنسجة البشرية.

 

فقد ورد استثناء في اللائحة يُجيز نقل نخاع العظم فقط من القاصر أو ناقص الأهلية، بشروط صارمة، وذلك إذا كانت زراعته ضرورية لأحد أقرباء المتبرع حتى الدرجة الثانية، مثل الوالدين أو الأشقاء.

نص المادة 5) ( من القرار وزاري رقم 2018/179 }استثناء من حكم المادة (٤) من هذه اللائحة، يجوز نقل العضو أو النسيج البشري من القاصر أو ناقص الأهلية في الحالات التي تقتضيها الضرورة بغرض الحصول على نخاع العظم المستخرج بقصد زراعته لدى أحد أقربائه حتى الدرجة الثانية، وذلك بعد موافقة كتابية لوليه الشرعي، أو الوصي، وبشرط عدم توفر حلول علاجية أفضل للمتبرع

له، وألا يقع ضرر على المتبرع بما يؤثر على حياته الطبيعية{ .

 

الخاتــــــمة :

 

في ضوء ما سبق، أولى التشريع العُماني موضوع نقل وزراعة الأعضاء البشرية عناية كبيرة، حيث وضع  إطارًا قانونيًا دقيقًا يضمن  تحقيق  الغايات  العلاجية  والإنسانية  لهذه  العمليات. وقد راعى المشرّع التوازن بين مبدأ حماية الحياة، ومنع أي شكل من أشكال الاستغلال أو الاتجار بالأعضاء، من خلال ضوابط واضحة وشروط محددة للتبرع، سواء من الأحياء أو المتوفين، بل وحتى في حالات استثنائية كتبرع القاصر بنخاع العظم، بما يضمن حماية المتبرع والمتبرع له على حد سواء.

وتؤكد هذه المنظومة القانونية على التزام سلطنة عمان بمبادئ حقوق الإنسان، والضوابط الشرعية، والأخلاقيات الطبية، مما يجعل من تجربتها نموذجًا يُحتذى به في مجال تشريع زراعة الأعضاء. كما تدعو هذه الأحكام إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية التبرع المنظم والآمن، ودعم الجهود الطبية الهادفة إلى إنقاذ الأرواح ضمن إطار قانوني وإنساني .