تلعب المرأة العمانية دورًا فاعلا في بناء عُمان جنبا إلى جنب مع الجهود التي تدفع عجلة التطور قُدمًا، وتساهم في الارتقاء برفعة عمان في كافة المجالات، حتى أصبحت رائدة علميا وعمليا.
ونص النظام الأساسي للدولة في المادة (15) الخامسة عشر منه على أن الدولة تكفل تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في كل شيء، ونص كذلك في المادة (21) على أن “المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي”
وانطلاقا من هذا المبدأ، أخذت المرأة العمانية حقها من التعليم، والصحة، والعمل، والمشاركة في اتخاذ القرار، وغيرها من المجالات دون التخلف في واجبها تجاه أسرتها ومجتمعها. وساهمت في بناء النهضة العمانية بعد أن كانت اسهاماتها لا تخرج عن حدود المنزل والمجتمع سابقا.
وانعكس اهتمام السلطنة بقضية المرأة ودعمها نحو التقدم والرقي وتمكينها مجتمعيا للمساهمة في تقدم البلاد، حيث تمت صياغة تشريعات عدة وقوانين تكفل حقوق المرأة في كافة المجالات،
ولعل أبرز سمات القوانين العمانية بحفظ حقوق المرأة وصونها ما جاء في قانون العمل العُماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (53/2023م) من أحكام، فقد نص على أحكام تضمنت حق المرأة في العمل مساواة مع الرجل، فقد خاطب القانون في أحكامه العامل بصرف النظر عن جنسه، إلا أن مزايا أفضل قد أوردتها نصوص خاصة في القانون؛
كحق المرأة في منحها (98) ثمانية وتسعين يوماً إجازة وضع لتغطية فترة ما قبل وبعد الولادة،
وكذلك جواز منح العاملة بناءً على طلبها إجازة بدون أجر لرعاية طفلها لمدة لا تتجاوز عاماً،
وايضاً تمنح العاملة المرضعة (1) ساعة يومياً لرعاية طفلها، تبدأ بعد انتهاء إجازة الوضع لمدة (1) عام واحد، ويترك تحديدها للعاملة، وتحسب هذه الساعة من ضمن ساعات العمل الفعلية.
وألزم القانون صاحب العمل بتوفير مكان مخصّص للاستراحة في المؤسسات التي يزيد فيها عدد العاملات على 25 عاملة.
وتخاطب الأحكام في قانون الخدمة المدنية المواطنين بشكل عام ومجرد وتستخدم اللفظ “موظف” دون تمييز بين الذكر والأنثى، وتنص المادة (12) من قانون الخدمة المدنية على المساواة في تولي الوظائف العامة وفقا للشروط التي ينص عليها القانون وتنص على مراعاة طبيعة المرأة بتخصيص إجازات مدفوعة الأجر كاملة في حالة قضاء العدة على سبيل المثال، و50 يوماً في حالة الوضع، بالإضافة إلى جواز منح الموظفة إجازة خاصة بدون راتب لمدة لا تزيد على سنة لرعاية طفلها، وذلك مراعاة لحالتها الاجتماعية والصحية.
ويضم قانون الأحوال الشخصية (282) مادة في حقوق المرأة، مؤكدًا على أهمية إتباع الشرع الذي يأمر بتأدية كافة حقوق المرأة دون نقصان، ويشمل القانون الكثير من المواد والبنود منها:
1. تسمح المادة (10/ب) للقاضي بإعطاء الإذن للفتاة التي يتجاوز سنها (18) عاماً بالزواج في حالة عدم كفاية مبررات رفض ولى أمرها.
2. المادة (23) تنص على أن ” الصداق ملك للمرأة، تتصرف فيه كيف شاءت، ولا يعتد بأي شرط مخالف “.
3. ينص البند (1) من المادة (37) والمادة (49) على إلزام الزوج بكفالة زوجته حتى وإن كانت ثرية.
4. ويؤكد البند (3) من المادة (37) على حق الزوجة في الاحتفاظ باسمها بعد الزواج.
5. يؤكد البند (4) من المادة (37) على حق الزوجة في إدارة ممتلكاتها الخاصة.
6. تمنح المادة (82) المرأة الحق بتطليق نفسها إذا رغبت دون إبداء السبب في حالة تضمين هذا الحق في نصوص العقد.
7. وفي الحالات الأخرى فإنه يجوز لها أن تطلبَ من القاضي تطليقها من زوجها في الأحوال الآتية:
o بسبب المرض الذي لا يرجى منه الشفاء خلال أكثر من سنــه /المادة (98).
o بسبب عدم دفع المهر المستحق وعدم الدخول في حالة الضرر واستحالة المعاشرة الزوجية /المادة (101).
o إذا أصبح الزوج مفقودا أو تم حبسه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات ومضى عام من تاريخ طلب الطلاق/المادة (111).
8. للأم حق مقدم على طلب حضانة الأطفال في حال الطلاق/ المواد من (125 – 137).
وتضمن قانون الحماية الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (52/2023م)، العديد من الميزات الأساسية للمرأة في معظم منافع الحماية الاجتماعية مثل: الأرملة والمطلقة والنساء ذوات الإعاقة؛
وبرامج التأمين الاجتماعي، منها “تأمين كبار السن والعجز والوفاة، وتأمين إجازات الأمومة، وتأمين الأمان الوظيفي، وتأمين إصابات العمل والأمراض المهنية، وتأمين الإجازات المرضية وغير الاعتيادية، وتأمين الأجانب”، ونسبة الإناث المسجلات في منافع الحماية الاجتماعية في تزايد مستمر.
وعن الحق في المشاركة السياسية: كفل النظام الأساسي للدولة لكل مواطن، رجلاً كان أو امرأة، الحق في الانتخاب والترشح وجاء المرسوم السلطاني رقم(7/2021م) بإصدار قانون مجلس عمان، والمرسوم السلطاني رقم (54/2023م) بإصدار قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى
ليبرز ويضمن للمرأة العمانية هذا الحق.
وتقديرا لجهودها الجبارة ودورها في بناء المجتمع العماني فقد خُصص بأمر من صاحب الجلالة يوم 17 أكتوبر من كل عام يوما للمرأة العمانية، ويحتفي هذا اليوم بمنجزات المرأة ومساهماتها، كما تعقد العديد من الندوات والمؤتمرات التي تعنى بشؤون المرأة ومن أهمها: (ندوتنا اليوم)
واليوم تبرز مكانة المرأة العمانية عربيا وعالميا، وأصبحت محط أنظار العديد من النساء اللواتي يصبين للوصول إلى ما وصلت إليه المرأة العمانية ببذل الجهود المتواصلة والعمل دون توقف نحو مستقبل أفضل لها وللمجتمع.
وفي الخاتمة نود أن نقول:
تناولت هذه الدراسة بالتحليل بيان حقوق المرأة في القوانين والتشريعات العمانية، والتي تعد أحد أبرز القضايا المجتمعية في الوقت الراهن، بالنظر إلى ما تواجهه المرأة، عموماً وفي الكثير من المجتمعات، من معاناة بسبب العنف والتمييز ضدها. لذا، كان طبيعيا بعد أن أضحت حقوق الإنسان وحرياته الأساسية محل اهتمام دولي كبير باعتبارها إحدى السمات المميزة للنظام الدولي المعاصر، كان طبيعيا أن تهتم السلطنة بإقرار قدر من الحقوق للمرأة على اختلاف ظروفها كأم، وكامرأة عاملة، وغيرها، والنص على الضمانات اللازمة التي تكفل احترامها وإتاحة الفرصة للتمتع بها.
وعلى الرغم من حقيقة أن إسهام النظام الأساسي للدولة والقوانين التي تعززه في هذا الشأن يمثل طفرة نوعية في الاعتراف بحقوق المرأة وإقرار مساواتها بالرجل إلى أبعد الحدود،
إلا أنه يجب ألا نغفل أن مباشرة المرأة لحقوقها وحرياتها الأساسية ذات الصلة، لن يكون مجدياً وفعالاً بالنصوص وحدها، فالنص القانوني لا يعدو إلا أن يكون تعبيراً فقط عن أحد طرفي المعادلة، أما الطرف الآخر، فهو المجتمع ذاته بعاداته وتقاليده وأعرافه، وهو أيضاً المرأة ذاتها التي يتعين عليها أن تجاهد وتناضل من أجل التمتع بكل ما قرره لها القانون من حقوق وحريات على أرض الواقع. فالحرص على إعمال الحقوق هو ما يكفل، في النهاية، القضاء على بعض صور التمييز القائمة وغير المبررة بين الرجل والمرأة في بعض المجالات